المقدمه.
يا صاحبي، لو قلتلك إن فيه نظام تشغيل بدأ كـ "مشروع ترفيهي" لطالب جامعي متضايق، ونهائيًا بقى يدير أكتر من 90% من خوادم العالم، ويخلي موبايلاتك تعمل، ويحرك السحابة الإلكترونية كلها... هتصدق؟ دي مش خيال، دي القصة الحقيقية لـ لينكس، النظام الخفي اللي بيحكم العالم الرقمي من وراء الكواليس. تعالى معايا نغوص في تاريخ لينكس المثير، من البداية المتواضعة لحد ما بقى العمود الفقري للإنترنت والتكنولوجيا الحديثة.
من هو لينوس تورفالدس؟ وكيف بدأت كل حاجة؟ 🤔
القصة تبدأ في فنلندا، سنة 1991. طالب جامعي اسمه لينوس تورفالدس (Linus Torvalds)، كان بيذاكر علوم الكمبيوتر في جامعة هلسنكي. الراجل ده كان عنده شغف كبير بنظم التشغيل، بس كان زعلان أوي من نظام MINIX اللي كان بيستخدمه في دراسته. MINIX كان نظام بسيط مصمم للتعليم، بس مش مفتوح المصدر بالكامل، ولينوس كان عايز يعدل فيه ويزود حاجات، والمنظومة مش بتسمح. هنا جت الفكرة البراقة: "لماذا ما أعملش نواة نظام تشغيل بنفسي؟" 💡
في 25 أغسطس 1991، لينوس نشر رسالة على مجموعة أخبار Usenet كتب فيها: "أنا بعمل نظام تشغيل (مجرد هواية، مش كبير واحترافي زي GNU)... ممكن يكون ناجح أو فاشل، بس في أي حال، هيكون فيه متاح للاستخدام." دي كانت البذرة الأولى. بدأ يكتب الكود من الصفر، بلغة C، وركز على بناء النواة (Kernel) - قلب أي نظام تشغيل اللي بيتواصل مع العتاد الصلب ويدير الموارد. اسم المشروع الأول كان "Freax"، بس صاحبه أرني ليميكي (Ari Lemmke)، اللي كان بيدير خادم FTP جامعي، استحسن المشروع وسمى المجلد اللي هيحتفظ فيه بالملفات بـ "Linux" (دمج بين اسم Linus و Unix). والاسم ده لزق! 🚀
علاقة لينكس بـ GNU: ليه البعض يقول GNU/Linux؟ 🤝
هنا النقطة المهمة اللي بتخلينا نفهم فلسفة لينكس. لينوس عمل النواة بس. نظام تشغيل كامل محتاج حاجات تانية كتير أوي: أدوات سطر الأوامر (مثل ls, cp, mv)، مكتبات برمجية، مترجمات لغات (مثل GCC)، وواجهات رسومية. كل الحاجات دي كانت موجودة فعلاً في مشروع ضخم اسمه GNU، اللي بدأه ريتشارد ستالمان (Richard Stallman) سنة 1983. هدف GNU كان إنشاء نظام تشغيل حر بالكامل (Free Software) - حر بمعنى إن أي حد يقدر يشوف الكود، يعدله، ويوزعه.
المشكلة إن GNU كانت ناقصة أهم جزء: نواة شغالة ومستقرة. وجت نواة لينكس الجديدة كالهدية السماوية! ببساطة: GNU عملت كل الأدوات، ولينكس عمل القلب اللي بيوصلهم بالعتاد. فالنظام الكامل بيكون "GNU + Linux". ليه البعض يصر على تسمية "GNU/Linux"؟ عشان يذكروا بالفضل ويحافظوا على فلسفة الحرية اللي قام عليها المشروع كله. ريتشارد ستالمان نفسه بيستخدم التسمية دي دايمًا. في النهاية، الإسم "Linux" هو اللي اشتهر، لكن الفضل لينكرش أبدًا في GNU. المزيج ده هو اللي خلق التوزيعات (Distributions) اللي نعرفها النهاردة زي Ubuntu, Fedora, Debian.
محطات تاريخية صنعت مجد لينكس: من الطالب للعالم 📜
لينكس مش وصل للقمة في يوم وليلة. فيه محطات أساسية خلتوه يثبت وجوده بقوة:
- الإصدار 0.01 (سبتمبر 1991): أول إصدار رسمي، كان محتاج حاجات كتير، بس كان البداية. الكود كان حوالي 10,000 سطر بس! 🤯
- اعتماد رخصة GPL (1992): لينوس قرر يستخدم رخصة GNU General Public License (GPL). دي كانت الخطوة الأهم على الإطلاق! الرخصة دي بتضمن إن أي حد يعدل على الكود أو يوزعه، لازم يبقى الكود المعدل متاح بنفس الرخصة (Copyleft). دي خلقت مجتمعًا ضخم من المطورين حول العالم يساهموا بحرية، وضمنت إن لينكس هيبقى حر للأبد، ومش ممكن أي شركة تسيطر عليه أو "تقفله".
- ظهور أول التوزيعات (1993): بدت تظهر توزيعات تجمع نواة لينكس مع أدوات GNU وبرامج تانية، زي Slackware و Debian. دي خلت المستخدم العادي يقدر يجرب النظام من غير ما يحتاج يكتبه من الصفر.
- دعم الشركات الكبرى (منتصف/أواخر التسعينيات): شركات زي IBM و Oracle و SAP بدأت ترى القوة في لينكس، وبدأت تدعمه وتقدم برامجها عليه. دي كانت شهادة ثقة ضخمة.
- اختراق عالم الخوادم (أوائل 2000s): هنا لينكس بدأ يسيطر. استقرارته، أمانه النسبي، قدرته على التعامل مع أحمال ضخمة، وتكلفته المنخفضة (مجاني!) خللوه الخيار الأمثل لشركات الإنترنت الكبيرة. Google نفسها بنت إمبراطوريتها على خوادم لينكس!
- ثورة الأندرويد (2008): لما جايز نظام أندرويد من جوجل للهواتف، كانت المفاجأة إن قلبه هو نواة لينكس معدلة! دي قفزت لينكس من عالم الخوادم والجيكس لجيب كل مستخدم موبايل تقريبًا. اليوم، أندرويد هو نظام التشغيل الأكثر انتشارًا في العالم، وكل شوية فيه نسخة لينكس بتشتغل في يدك. 📱
لينكس: النظام الخفي اللي وراء كل حاجة تقريبًا 🌐
النهاردة، لينكس مش مجرد نظام للجيكس أو الخوادم. هو موجود في كل مكان تقريبًا، وغالبًا أنت بتستخدمه من غير ما تدري:
- خوادم العالم: أكتر من 90% من خوادم الإنترنت (اللي بتحمل المواقع، البريد، السحابة) بتشتغل بلينكس. Facebook, Twitter, Amazon, Google... كلهم عايشين على لينكس. استقرارته وقدرته على التعامل مع ملايين الطلبات في الثانية مش لهما مثيل.
- الحوسبة السحابية (Cloud Computing): AWS (أمازون)، Azure (مايكروسوفت)، Google Cloud... كلهم بيقدموا خدماتهم على بنية تحتية مبنية على لينكس. السحابة كلها بتقف على أكتاف لينكس. ☁️
- الأندرويد: كما قلنا، قلب نظام أندرويد هو لينكس. أي هاتف أندرويد في يدك، فيه نسخة لينكس بتشتغل.
- أجهزة التوجيه (Routers) والأجهزة الذكية (IoT): معظم الراوترات اللي في بيتك، والكاميرات الذكية، أجهزة التلفزيون الذكية، وحتى الثلاجات الذكية، بتستخدم نسخ لينكس خفيفة. لينكس مرن جدًا إنه يشتغل على أجهزة صغيرة قوية.
- الحواسيب الفائقة (Supercomputers): كل الحواسيب الفائقة اللي في قائمة TOP 500 (أقوى 500 حاسوب في العالم) بتشتغل بلينكس! قدرته على التوازي والمعالجة المتوازية خلتوه الخيار الوحيد.
- أنظمة الملاحة والطيران: حتى في أنظمة التحكم في الطائرات والسيارات الحديثة، بتلاقي بصمة لينكس بسبب موثوقيته العالية.
- أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة: مش بس للخوادم! توزيعات زي Ubuntu, Linux Mint, Fedora بتقدم تجربة ممتازة للمستخدم العادي، وبديل مجاني وقوي لويندوز وماك.
الخلاصة: من مشروع هواية لأساس العصر الرقمي 🏆
قصة لينكس مش مجرد قصة تقنية، دي قصة عن الحرية، التعاون، والرؤية. طالب جامعي متضايق من نظام مغلق، قرر يعمل حاجة بنفسه ويشاركها مع العالم. بالاعتماد على فلسفة GNU ورخصة GPL، خلق نظامًا مفتوحًا جذب آلاف المطورين. بالاستقرار والأمان والمرونة، فرض نفسه في عالم الخوادم. بالتكيف والانفتاح، دخل عالم الموبايل عبر أندرويد والسحابة. النهاردة، لينكس مش مجرد نظام تشغيل، هو البنية التحتية الخفية للعصر الرقمي كله. من غيره، الإنترنت اللي نعرفه، والخدمات السحابية، وحتى هواتفنا، كانت هتختلف بشكل كبير أو حتى مش هتوجد.
فالمره الجاية، لما تفتح جوجل، تشغل فيديو على يوتيوب، أو تستخدم أي تطبيق على موبايلك، تذكر إن وراء كل ده، هناك نواة صغيرة بدأت كفكرة طالب جامعي اسمه لينوس تورفالدس، وثورة اسمها لينكس. ودي قصة تستحق إننا نحكيها ونتذكرها دايمًا. 💪